تناوَلَت "لوفيغارو" الفرنسيَّة، الجمعة 11 كانون الثَّاني 2019، مَوْضوع تَحْقير الأَدْيان في إِسْرائيل، وأَظْهرت تَحْتَ عُنْوان: "في إِسْرائيل مُهرِّجُ (ماك دونالدز) المَصْلوب تَحْقيرًا للدِّين المسيحيِّ"، كيف تُدنَّس الأَدْيانُ السَّماويَّة في اسرائيل. وأظهرت الصُّورة المُرْفَقَة بالخَبَر، تَحْقير الدِّين المسيحيّ –كما والدِّين الإِسلاميِّ- في ذَلِك الكَيان القائِم أَصْلاً عَلى رَكيزَتَي الفَساد والكفر! وقد عبَّر مِئاتُ المَسيحيِّين عن رفضِهم لِهذه المَظاهر التَّكْفيريَّة الصُّهْيونيَّة، في تَظاهرةٍ كانُوا دعَوا إِلْيها، أَمام "مُتْحف الفنِّ المُعاصِر" في حَيْفا، وقد حاوَلَت "الشُّرطة" الإِسْرائيليَّة تَفْريق المُتظاهِرين، مُسْتَخْدِمةً العُنْف، ما أَدَّى إِلى جرح الكَثير مِنْهم.
كما وأَنَّ المُمارَسات الإِسْرائيليَّة في مَجال الفَساد مُتَواصِلَة، لأَنَّ الكَثير مِن اليَهود اعْتادُوا أَنْ يَحْصُلوا على كلِّ شَيْءٍ "بِبلاش". فاليَهود "المُتدِّينون" الَّذين عاشوا في فِلسطين أَيَّام الحُكْم العُثْمانيّ، في عَددٍ مِن المُدُن الفِلسْطينيَّة، ويُعْرَفون باسْم "المُستوطِنين القُدامى"، قَد اخْتاروا نَمَطًاخاصًّا مِن الحَياة، ورَفضوا العَمَل لأَنَّهم اعتَبَروا انفُسَهم أَفْضل مِن البَشَر وفَوْق كُلِّ شَيْء... وما "زادَ في الطِّين بلَّة" دَعْم المُنظَّمات الصُّهْيونيَّة وغَيْر الصُّهْيونيَّة لـ"المُسْتَوطِنين القُدامى"، وتقديم الدَّعْم الماليِّ الدَّائم لهم، وما زالَت هَذه الفِئات مَوْجودَةً. ومِن ثَمَّ تَحوَّلَت ثَقافَة كلِّ شَيْءٍ "بِبَلاش" إِلى فَسادٍ، يُمارَس اليوم كما في الماضي، من جَماعات الاسْتيطان الزِّراعيِّ. فَقَد أَقَام هَؤُلاء بُيوتَهم فَوْق أَرضٍ أَعدَّتها "الحَرَكة الصُّهيونيَّة"، وَحَصَلوا على دَعْمٍ ماليٍّ من "البارُون روتْشيليد" وغَيْرِه، كـ"مُنظَّمة عزرا" و"هداسا" و"جونيت" وغيرها...
وبَعْد ما أَصْبَح الحُصُول على الأَمْوال والأَراضي مجَّانًا جُزْءًا لا يَتَجزَّأ من عَقْليَّة اليَهوديِّ، ومِن ثقافتِه وأَخْلاقه ونزَواته الدِّينيَّة، فلا أَحَد يَسْتَغرب مُمارَسات المُسْتَوطِنين شِبْه اليَوْمِيَّة، ومُحاوَلاتِهم الاسْتيلاء على أَراضي الفِلَسْطينيِّين بالطُّرُق المُلْتَوية وبالقوَّة...
وتَنْسَحب هَذِه الثَّقافة بالتَّالي، على كِبار "القادَة السِّياسيِّين والعَسْكَريِّين" في "إِسرائيل"، وبِخاصَّة أَولَئِك الَّذين تَسَلَّموا مَفاتيح "خزَائِن الدَّوْلة الماليَّة". ومِن الأَمْثلة على ذلك، أَرْييل شارون الَّذي لاحقَتْه "فَضيحةُ الجَزيرةِ اليونانيَّة" وقد حَصَل على خَمْسة الآف دونمٍ "بِبلاش" من الأَراضي الفِلَسْطينيَّة، مُقابِل "جَرائِم" ارْتَكبَها خِلال خِدْمَته العَسْكَريَّة... وكَذَلك "وزير المال السَّابق" أَبراهام هيرشزون، و"غاندي مَلِك الترانفسير" الَّذي لوحِقَ حتَّى اغْتِيالِه بِتُهَم الفَساد الجِنْسيِّ... كما وإِنَّ إِحْدى واجِهات الفَساد رئيس الوزراء السَّابِق إِيهود أُولْمِرت، الَّذي دينَ بِقضايا فسادٍ خَطِرة جدًّا أَدخَلَتْهُ السِّجْن... وصولاً إِلى بِنْيامين نَتانياهو وزَوْجَته. وخِلال هَذه المَسيرَة الحافِلة بالفَساد، لا بُدَّ مِن ذِكْر "رَئيس الدَّولة" السَّابق موشيه كَتْساف، وعار التُّهم الخُلُقيَّة الَّتي دينَ بِها، فَمَكث وراء القُضْبان سَنواتٍ طَويلةً...
المَحاكِمُ الإِسْرائيليَّة
ذَكَر بعضُ الدِّراسات أَنَّ أَكثر المَحاكِم الَّتي تُعاني من تُخْمَة قَضايا العُنْف والإِجرام والفَساد... هِي المَحاكِم الإِسْرائيليَّة، والمفارقة أَنَّ الفَرْق بَيْن الفَساد في إِسرائيل، وفي باقي الدُّوَل الَّتي اسْتَعْرَضنا الفَساد فيها، أَوْ تِلْك الَّتي سَنَأْتي على ذِكْرها، أَنَّ الكَيان الإِسرائيليَّ هو كَيانٌ قائِمٌ أَصْلاً على الفَساد، وكلُّ شَيْء مُحَلَّلٌ إِذا كانَ يَخْدم المُخَطَّط الصُّهْيونيَّ العُنْصُريَّ بامْتِيازٍ، والتَّكْفيريَّ المُبَطَّن بالمُؤامَرات على الأَدْيان والدُّوَل، والقائِم على الدَّسائِس وسِيَرِ الإِجْرام وأَلْوانِه وأَساليبِه المُتَعَدِّدَة...
قَرْصَنَة دَوْلِيَّة جَدِيدَة
واليَوم، تَسْعى "إِسْرائيل" إِلى مُطالَبَة 7 دُوَل عربيَّة وإِيْران، بِتَعْويضاتٍ ماليَّةٍ تَصِلُ إِلى 250 مِلْيار دولارٍ، عَن مُمْتَلَكاتِ اليَهود الَّذين قالَت إِنَّهم "أُجْبِروا" على تَرْكِ هَذه البُلْدان بَعْد إِعْلان قِيام "دَوْلة إِسْرائيل" عام 1948. وكلَّفت الدَّولة العِبْريَّة مُؤَسَّسة مُحاسبَة دَوليَّة تَقْدير حَجْم المُمْتَلكات والأُصول الَّتي "أُجْبِر" اليَهود على تَرْكِها... في ما يُشْبِه القَرْصَنَة الدَّوْليَّة الجَديدة!.
ونَقَلَت "تايْمز أُوْف إِسْرائيل" عن جيلا غامليل "وزيرةِ الرَّفاه الاجْتِماعيِّ الإِسرائيليِّ" المُكَلَّفة هذا الملف قولَها: "حان الوَقْتُ لِتَصْحيح هَذا الخَطَأِ التَّاريخيِّ ضدَّ اليَهود في 7 دُوَلٍ عَرَبيَّة وإِيْران، واسْتِعادة مِئات الآلاف مِن مُمْتَلكات اليَهود هُناك". وأَكَّد بَعْضُ المَصادِر أَنَّ "الحُكومَة الإِسْرائيليَّة حَشَدَت التَّأْييد الدَّوْليَّ مِن الوِلاياتِ المُتَّحِدة الأَميركيَّة"...